أم يحيى المديرة العامة
عدد الرسائل : 793 البلد : تاريخ التسجيل : 26/11/2007
| موضوع: شرح الاربعين النووية الحديث السابع عشرتتمة السبت يناير 12, 2008 2:27 am | |
| الحديث السابع عشرتتمة(3)إنهار الدم أي إسالته، ويكون إنهار الدم بقطع الودجين وهما العرقانالغليظان المحيطان بالحلقوم، وهذان العرقان متصلان بالقلب فإذا قطعا انهالالدم بكثرة وغزارة، ثم ماتت الذبيحة بسرعة.والدليل على إنهار الدم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "مَا أَنهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ فاشترط إنهار الدم".هليشترط مع قطع الودجين قطع الحلقوم والمريء، لأن الذي في الرقبة أربعةأشياء: الودجان - اثنان - والحلقوم، والمريء، فهل يشترط قطع الأربعة؟فالجواب:قطع الأربعة لاشك أنه أولى وأطهر وأذكى، لكن لو اقتصر على قطع الودجينفالصحيح أن الذبيحة حلال، ولو اقتصر على قطع المريء والحلقوم فالصحيح أنهاحرام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شريطة الشيطان[136]، وهي التي تذبح ولاتفرى أوداجها.وهل يشترط أن يكون قطع الحلقوم من نصف الرقبة، أو من أسفلها، أومن أعلاها؟الجواب: لايشترط، المهم أن يكون ذلك في الرقبة سواء من أعلاها مما يلي الرأس، أو من أسفلها مما يلي النحر، أو من وسطها.(4) ذكر اسم الله عليها عند الذبح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَاأَنهرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ فإذا كان إنهار الدمشرطاً فكذلك التسمية شرط،بل إن الله تعالى أكد هذا بقوله: (وَلاتَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإنهلفِسْقُ)(الأنعام: الآية121) فإذا ذبح إنسان ذبيحة ولم يسمّ فالذبيحة حرام.فإذانسي أن يسمي فإنها حرام، لأن الشرط لايسقط بالنسيان بدليل أن الرجل لو صلىمحدثاً ناسياً فصلاته غير صحيحة، ولأن الله تعالى قال: (وَلا تَأْكُلُوامِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)[الأنعام:121] وأطلق بالنسبةللذابح.فإذا قال قائل: فهمنا أن التسمية شرط، وأنه لو تركها سهواً أو نسياناً أو عمداً فالذبيحة حرام، لكن ماذا تقولون في قول الله تعالى: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )(البقرة: الآية286) فقال الله: قد فعلت[137]؟نقول:نحن لانؤاخذ هذا الذي ذبح الذبيحة ونسي أن يسمّي، ونقول: ليس عليه إثم،لكن بقي الآكل إذا جاء يريد أن يأكل من هذه وسأل: أذكر اسم الله عليها أملا؟فيقال له: لم يذكر اسم الله عليها، إذاً لا يأكل، لكن لو فرض أن هذا أكل من هذه الذبيحة ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه.فإن قال قائل:إذا قلتم إن هذه البعير التي تساوي ألف ريال بأنها حرام لمَّا نسي أن يسمي عليها فإنه يلزم منه أن تفسدوا أموال الناس؟فالجواب:نحن لم نُضع المال، لأن كل شيء متروك بأمر الله فتركه ليس إضاعة،بل هوطاعة لله عزّ وجل، ألسنا نطيع الله ونعطي الزكاة وهي ربع عشر أموالنا، فلوكان عند الرجل أربعين مليوناً فزكاته مليون، فما دمنا تركنا هذه الذبيحةالتي لم يسمّ الله عليها فإننا لم نضع المال في الواقع، بل وضعناه فيحلِّه ومَحلِّهثانياً: إذا حرمناه من الذبيحة هذه المرة فلا يمكن أن ينسى بعد ذلك أبداً، بل يمكن أن يسمي عشر مرات .ولهذا اعترض بعض الناس على قطع يد السارق وقال: إننا لو قطعنا يد السارق لكان نصف الشعب أقطع؟.فنقول له: أنت الآن أقررت بأن نصف شعبك سُرَّاقٌ، ولكننا نقول له: لو قطعت سارقاً واحداً لانتهى آلاف السرّاق.فهذاالرجل الذي نسي التسمية وقلنا له: الذبيحة حرام لن ينسى في المستقبلولدينا آية محكمة قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِاسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) [الأنعام:121] يستثنىمن قولنا: أن يقطع الودجين وهما في الرقبة ما ليس مقدوراً عليه منالحيوان،فالذي ليس مقدوراً عليه يحل بطعنه في أي موضع كان من بدنه، فلوندّ لنا بعير - أي هرب - وعجزنا عن إدراكه ورميناه بالرصاص وأصابت الرصاصةبطنه وخرقت قلبه ومات، فإنه يكون حلالاً لأنه غير مقدور عليه.وكذلك لو سقط في بئر ولم نتمكن من النزول إليه للننحره ورميناه وأصابت الرصاصة أي مكان من بدنه فمات فهو حلال.ومن فوائد هذا الحديث:1. -وجوبحد الشفرة، لأن ذلك أسهل للذبيحة، ومعنىإحدادها: أن يمسحها بشيء يجعلهاحادة، فإن ذبح بشفرةكالّة أي ليست بجيدة ولكن قطع ما يجب قطعه فالذبيحةحلال لكنه آثم حيث لم يحد الشفرة.وهل يحد الشفرة أمام الذبيحة؟الجواب: لا يحد الشفرة أمامها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم[138] ،أي تغطى.ولأنه إذا حدها أمامها فهي تعرف، ولهذا أحياناً إذا حد الشفرة أمام الذبيحة هربت خوفاً من الذبح وعجزوا عنها..2وجوب إراحة الذبيحة وذلك بسرعة الذبح، فلا يبقى هكذا يحرحر بل بسرعة لأنه أريح لها.ويبقى النظر: هل نجعل قوائمها الأربع مطلقة، أو نمسك بها؟فالجواب:نجعلها مطلقة ونضع الرِّجل على صفحة العنق لئلا تقوم، وتبقى الأرجلوالأيدي مطلقة، فهذا أريح للذبيحة من وجه، وأشد إفراغاً للدم من وجه آخر،لأنه مع الحركة والاضطراب يخرج الدم.وما يفعله بعض الناس الآن من كونهم إذا أضجعوا الشاة وأرادوا الذبح بركوا عليها وأمسكوا بيديها ورجليها. فهذا تعذيب لها.وبعضهميأخذ بيدها اليسرى ويلويها من وراء العنق، وهذا أشد، فنقول: ضع رجلك علىصفحة العنق واذبح ودعها تتحرك وتضطرب مع بقاء رجلك على صفحة العنق حتىتموت.فإن قال قائل: هل من إراحتها ما يفعله بعض الناس بأن يكسر عنقها قبل أن تموت من أجل سرعة الموت؟فالجواب:لايجوز هذا، لأن في كسر عنقها إيلاماً شديداً لها، ونحن لسنا في حاجة إلىهذا الإيلام، بل ننتظر حتى يخرج الدم، وإذا خرج الدم انتهى كل شيء..3إذا أراد الإنسان أن يؤدب أهله، أو ولده فليؤدب بإحسان؟ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: وَلَكُمْعَلَيْهِنَّ أَن لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْفَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ[139]فنقول:حتى في التأديب إذا أدبت فأحسن التأديب ولاتؤدّب بعنف. وبعض الناسيؤدّب بعنف يظن أن ذلك أنفع، وليس هكذا، بل اضرب ضرباً لاتسرف فيه.ولهذاقال العلماء في كتاب الجنايات: لو أنه ضرب ولده ضرباً أسرف فيه ومات ضمنه،أما إذا أدّبه تأديباً عادياً بدون عنف ثم مات فلا ضمان عليه. والله أعلم. [130] سبق تخريجه صفحة (167)[131] أخرجهالبخاري كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة، (2413)،ومسلم – كتاب: القسامة والمحاربين، باب: ثبوت القصاص في القتل وغيره منالمحددات والمثقلات وقتل الرجل بالمرأة، (1672)، (117)[132] أخرجه البخاري كتاب: الذبائح والصيد، باب: أهل الكتاب، (5507).[133] أخرجهالبخاري كتاب: الشركة، باب: قسمة الغنم، (2488)، ومسلم – كتاب الأضاحي،باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وسائر العظام، (1968)،(20)[134] أخرجه مسلم كتاب: الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، (450)، (150).[135] أخرجهالبخاري كتاب: أبواب التهجد، باب: إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه،(1144)، ومسلم – كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: ما روي فيمن نام الليلأجمع حتى أصبح، (774)، (205)[136] أخرجهأبو داود كتاب: الضحايا، باب: في المبالغة في الذبح، (2826)، والإمام أحمد– ج1/ص 289، (2618). والشريطة: قال الخطابي في "معالم السنن" ج4/ص 281:إنما سمي هذا شريطة الشيطان من أجل أن الشيطان هو الذي يحملهم على ذلك،ويحسن هذا الفعل عندهم، وأخذت الشريطة من الشرط، وهو شق الجلد بالمبضعونحوه، وكأنه قد اقتصر على شرطه بالحديد دون ذبحه والإتيان بالقطع علىحلقه.[137] - أخرجه مسلم – كتاب: الإيمان، باب: أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، (126)، (200)[138] سبق تخريجه صفحة (167) | |
|