السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,
أصبح التلفزيون بالنسبة إلى
أكثر الأطفال صديقاً حميماً وموجهاً يومياً اختاروه لأنفسهم وقد أجابت
طفلة في السابعة من العمر على سؤال: ممن تتألف أسرتك؟.
فقالت: (تتألف
أسرتنا من بابا وماما وجدتي وجهاز التلفزيون) ويعتبر التلفزيون للأطفال
زميلاً يساعدهم وينصحهم وهو في الوقت ذاته لا يمكن أن يكون مملاً إطلاقاً
وبالنسبة للأحداث هو مستشار ومصدر للمعرفة ودليل ومرشد في مجالات الحياة
التي لم تعرف بعد. وبناءً على طلب مجلة (تلغراف) والمعهد الفرنسي لدراسة
الرأي العام، فقد أجري بحث لموضوع العلاقة القائمة بين الأطفال وبين
التلفزيون وأظهر البحث أن 70% من الأطفال وبغض النظر عن الجنس والسن،
يشاهدون التلفزيون يومياً وهذه النسبة تبلغ 77% في المناطق الريفية خلال
أيام الأسبوع كما أظهر البحث أن 74% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما
بين 8 – 12 عاماً يشاهدون التلفزيون من ثلاث إلى أربع ساعات وربما أكثر في
اليوم الواحد.
التلفزيون مثل سكين حاد يمكن الاستفادة النافعة منه
ويمكن أن يساء استخدامه فيكون مضراً، فإنه يوجب تنمية معرفة وإدراك
العالم، وهو يساعد الأطفال أيضاً في التعليم والتسلية كما أنه مصدر للهو
والمتعة، وهو يشجع ويقوي لدى الأطفال الرغبة في النشاط الفردي والجماعي
كما أنه يقوم بدور المرشد الأخلاقي والأيديولوجي إذا أُدير التلفزيون من
قبل جماعات مؤمنة
إلى ذلك، يلعب التلفزيون دوراً عظيم الأهمية في تنشئة الأطفال.
إن
الأهداف التي يصنعها التلفزيون تجعله شريكاً للأسرة والمدرسة والمجتمع
ولكن مع ذلك هنالك جوانب سلبية عديدة للتلفزيون، أما الصحفيون والأطباء
والمعلمون والمختصون في علم الاجتماع فهم غالباً ما يتخذون موقفاً سلبياً
من التلفزيون ويدينونه. نعم، التلفزيون هو من جهة نعمة، لكنه من جهة أخرى
يخفي في داخله خطر تشجيع العادات والسجايا السيئة في شخصية الطفل.
من سلبيات التلفاز:
للتلفزيون تأثيرات جانبية سلبية على حياة الطفل اليومية نشير إلى بعضها:
1-
تأثير التلفزيون على المدرسة والقراءة: مشاهدة الأطفال للتلفزيون له تأثير
سلبي على ذكائهم فكلما زادت مشاهدة الأطفال للتلفزيون انخفض مستوى تحصيلهم
الدراسي.
لقد قارنت الدراسات العلمية التي أجراها بعض العلماء
والأخصائيين بين تلاميذ الصف السادس الذين جاءوا من بيوت يبث فيها جهاز
التلفزيون باستمرار وبين زملائهم الذين يتم تشغيل التلفزيون في منازلهم
لوقت أقل، وحين قورنت درجات القراءة لدى هاتين المجموعتين ظهر اختلاف جدير
بالاهتمام. فقد كانت درجات ثلثي تلاميذ البيوت المستمرة سنة واحدة على
الأقل تحت مستوى الصف، بينما فاقت درجات ثلثي المجموعة غير المستمرة مستوى
الصف، أو أعلى من ذلك.
وفي دراسة ثانية ثبت أن الأطفال الذين سمح لهم
بمشاهدة التلفزيون يومياً لساعات كثيرة في السنوات السابقة لدخولهم
المدارس حصلوا على درجات في القراءة والحساب واختبارات اللغة عند نهاية
الصف الأول أقل من الأطفال الذين كانت مشاهدتهم التلفزيونية قليلة خلال
سنوات ما قبل المدرسة.
عندما ننظر إلى طلاب المدرسة نرى أن بعض
التلاميذ الذين لا يكملون أداء واجباتهم المنزلية ببساطة فإن ذلك هو نتيجة
المشاهدة التلفزيونية في كثير من الحالات. إن المبالغة في مشاهدة البرامج
التلفزيونية تؤدي إلى إلهاء الأطفال وصرفهم عن إنجاز وظائفهم المدرسية كما
أن مشاهدة البرامج التلفزيونية دون أية عملية اختيار وانتقاء من شأنها أن
تضعف قدرة الطفل على التمييز وأن تضعف تذوقه الجمالي وبالتالي فإن
التلفزيون يصبح في الواقع قاتلاً للوقت.
وقد تم إثبات تأثير سلبي
للتلفزيون على الأطفال الصغار ككل، فإن تحت تأثير المشاهدة المفرطة
للبرامج التلفزيونية يصبح بعض الأطفال كسالى كما تمت الإشارة إلى الارتباط
ما بين الوقت الذي يقضى أمام شاشة التلفزيون وبين عدم التقدم بشكل جيد في
المدرسة، وبات واضحاً أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الطفل أمام شاشة
التلفزيون كلما زاد خطر تراجعه في التحصيل الدراسي.
2- الاضطراب النفسي
والقلق الروحي: مما لاشك فيه أن شاشة التلفزيون قادرة على أن تثبت في
الطفل أنظمة من المبادئ والنواميس والقيم، حتى برامج الترفيه والتسلية
تستطيع بالتدريج ودون أن يشعر الطفل أن تغير موقف الطفل ورؤيته للعالم. عن
وقع هذا التأثير يصبح أقوى كلما أزداد وتكرر عرض النماذج التلفزيونية
والمحرضات والمواقف والأوضاع ذاتها وإذا أخذنا بعين الاعتبار الحساسية
القوية لخيال الأطفال وتصوراتهم يصبح من السهل علينا أن نفهم كيف تتأثر
خاصية التخيل والتصور هذه بالبرامج التلفزيونية التي تقدم بأشكال درامية
وتوجه مباشرة إلى الطفل وهذا كله يوجب أن يعيش الطفل قلقاً روحياً
واضطراباً نفسياً عندما يشاهد برامج مثيرة ومناظر عنيفة.
إن معظم
البرامج التلفزيونية تثير رغبة ولهفة غير عادية للطفل وتجعل الطفل يستجيب
لها ويتشابك معها؛ ولذلك إذا لم يكن الطفل مسلحاً عن طريق أبويه وبيئته
بقيم ثابتة وراسخة يمكن أن تجابه ما يكرس التلفزيون من برامج غير صالحة
بقدر كبير، عند ذلك يصبح سهلاً أن نفهم كيف يقع الطفل في مصيدة التلفزيون.
3-
القضاء على كثير من النشاطات والفعاليات: إن التلفزيون يستهلك الوقت
المخصص لبعض النشاطات والفعاليات بمعنى أنه يضيع الوقت الذي يمكن أن
يستخدم على نحو أكثر فعالية كما يمنع الأطفال من القيام بنشاطات أكثر فائدة